لبد أن المسلم يجعل كل أمور تمر عليه هيا درس وعظة وتثبيت ألأيمان

كل يوم اموات تذكرنا أن الكل ميت

ما صنع اهل احد الشباب الذي مات في حادث وهو في عمله ففكرت فيما وصل اليه المسلمين من البعد عن دينهم ففي ديننا مما اخبرنا به حبيبنا من الحقائق ما يجعل قلوبنا مطمأنه عند فقدان احبائنا فبالنظر الي حال المتوفي فقد خرج من بيته يطلب الرزق ليعف نفسه واهله فهو في سبيل الله وهذا ما نص عليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلده ونشاطه فقالوا: يا رسول الله لو كان هذا في سبيل الله، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله،وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله،وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله،وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان). وليس هذا فقط فهو مات ميتة الشهداء كما جاء في الحديث من مات حرقا فهو شهيد ؛ لما روى أحمد وأبو داود والنسائي عن جَابِرَ بْنَ عَتِيكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ ؟ قَالُوا : الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ : الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ ، وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ شَهِيدٌ ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدٌ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .

وللنظر الى الرعيل الاول من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هذه ام فقدت ابنها قبل معركة بدر فخافت ان يكون ابنها لم يمت شهيد فذهبت لتسأل الرسول لا عن موته ولكن عن مكانته هل هو في الجنة فتطمأن ام ليس في الجنة فتحزن عليه
عن أنس -رضي الله عنه-: أن أم الربيع بنت البراء وهي أم حارثة بن سراقة، أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، ألا تُحَدِّثُني عن حارثة -وكان قتل يوم بدر- فإن كان في الجنة صَبَرْتُ، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء، فقال: «يا أم حارثة إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى».

ونحنو لا نقطع لأحد بجنة او بنار ولكن ننظر الى الحال ونحتسبه على الله انه كذلك ونسأله جل في علاه ان يتقبله في الشهداء فأن الواجب على المسلمين الصبر والدعاء كما جاء في قول الله
((وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون))

مَرَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقالَ: اتَّقِي اللَّهَ واصْبِرِي قالَتْ: إلَيْكَ عَنِّي، فإنَّكَ لَمْ تُصَبْ بمُصِيبَتِي، ولَمْ تَعْرِفْهُ، فقِيلَ لَهَا: إنَّه النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأتَتْ بَابَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ، فَقالَتْ: لَمْ أَعْرِفْكَ، فَقالَ: إنَّما الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى.

فعلينا نحنوا المسلمين الا نمرر ما يحدث امامنا دون ان نعظ ونتعظ وهذ امر نغفل عنه فكم من الاحداث تمر دون ان يكون لنا منها موقف يتناسب مع ديننا وعقيدتنا فانظرو االى عبد الرحمن بن عوف عندما رأى رسول الله يبكي على ابنه ابراهيم لم يفوت الامر دون فهم ويصف أنس بن بن مالك رضي الله عنه حال وموقف النبي صلى الها عليه سلم عند لحظة موت ابنه إبراهيم فيقول: (دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبى سيف القَيْن (الحداد)، وكان ظِئْرًا لإبراهيم (أباً له من الرضاعة)، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ، ثم دخلنا عليه بعد ذلك، وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟! فقال: يا ابن عوف، إنها رحمة، ثم أتبعها بأخرى، فقال صلى الله عليه وسلم: إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون) رواه البخاري.
قال المناوي: “فيه الرخصة في البكاء بلا صوت والإخبار عما في القلب من الحزن، وإن كان كتمه أولى، ودمع العين وحزن القلب لا ينافي الرضى بالقضاء، وقد كان قلبه صلى الله عليه وسلم ممتلئا بالرضى”.

وفي موقف النبي صلى الله عليه وسلم عند موت ولده إبراهيم دليل على مدى رحمته وشفقته صلى الله عليه وسلم، ويظهر ذلك في تقبيله وشمه لابنه وقت مرضه، وحزنه وبكاؤه وقوله بعد موته:(وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون)، وكذلك ظهر مدى أدبه صلى الله عليه وسلم مع ربه سبحانه، حيث إنه صلى الله عليه وسلم لم يقل – مع حزنه الشديد – أي كلمة تدل على جزعه وعدم صبره ورضاه بقضاء الله وقدره، فقال صلى الله عليه وسلم: (ولا نقول إلا ما يرضى ربّنا)، فكان صلوات الله وسلامه عليه مثالاً وقدوة عملية في الصبر والرضا، والأدب مع الله عز وجل.

المتأمل في السيرة النبوية يرى أن نبينا صلى الله عليه وسلم مع علو قدره ومنزلته قد أصابه مثل ما يصيب الناس من فراق الأهل والأحباب، فصبَرَ صبراً جميلا، وهو الصبر الذي لا تسخط فيه ولا جزع، ولا اعتراض على قضاء الله وقدره، فقد ابْتُلِي صلى الله عليه وسلم بفقد ابنه إبراهيم، بل ابتلي بفَقْدِ جميع أبنائه في حياته عدا ابنته فاطمة رضي الله عنها، ومن أشد المصائب على الإنسان موت أحد أولاده، فكان صلوات الله وسلامه عليه يستقبل هذا البلاء بالصبر والرضا بقضاء الله عز وجل، وما كانت تتعدى ردةُ فعله على فراق أولاده ومنهم إبراهيم إلا دموعه الشريفة، وكان يقول: (إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يُرْضِى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون)، وفي ذلك تسلية للمُصاب والمُبْتَلَى بفقد أحد من الأهل والأحباب.

زر الذهاب إلى الأعلى